المشاركات

21

مُحتاراً يجعلني الصباحُ وأنا أفكرُ كيفَ يُشرقُ عليكِ. أتغشاكِ الشمس أم أنكِ تغمرين ذلكَ النجم بالضياءِ حينَ تستيقظينَ فيشعُ النورُ على الكونِ بالمقابل؟ أيتها الأكرمُ من غيمةٍ مُحملةٍ بالمطرِ وأمنياتِ الحالمين بلقاءِ حبيباتهم، أيتها الألطفُ من أصواتِ الطيورِ التي تُغني من قبلِ ذوبانِ الندى، أيتها الأرقُّ من إنسيابِ عطرٍ فاحتْ بهِ وردةٌ لامسها طرفُ ثوبكِ الحريري، في نزهتكِ الصباحية، في بساتينِ خيالي التي أنتِ أجملُ فيها من كل الورود. مُحتاراً يجعلني الصباح، وأتساءل، أيجعلكِ تشعرينَ بالحنينِ للطفولةِ مثلي؟ أيملأُ قلبكِ بالرغبةِ في اللهوِ خارجَ غرفتك، في الشرفةِ المتروسةِ بالزهورِ ورسائلي الليلية؟ أيمنحُ عقلكِ بعضَ السلوانِ حينَ تُغمضينَ عيناكِ وتتذكرينَ كيفَ كانتْ خادمةُ القصرِ الذي نشأتِ فيهِ تُمشطُ شعركِ، وتجعلهُ حُراً وراءكِ ليطيرَ كلما جريتِ تُلاحقينَ الفراشات؟ أيجعلكِ الصباحُ مليئةً بالأملِ وتُلوحين بالضحكاتِ للأشجارِ التي تُداعبُ رأسكِ بأغصانها الحانية؟ أتشعرينَ بالحنينِ للطفولةِ مثلي، أم أنكِ لا تزالينَ مجردَ طفلة بالفعل، كما في قلبي في قلبك؟ تُعجبني هذهِ الحيرةُ التي يُسببها

20

هذا الشروقُ متفرعُ الضوءِ كأغصانِ شجرةٍ من نور، وهذهِ الأنغامُ للعصافيرِ السعيدة ولا تعلمُ ما بقلوبِ المُستيقظينَ مُبكراً، وهذا الهدوءُ في الهواءِ وكل هذهِ النسماتِ شديدة النعومة، لا تعني لي شيئاً وأنا لا أستطيعُ أن أشارككِ إياها على هيئةِ صباحِ الخير يا حبيبتي، أقولها بقلبي الذي يتفتتُ في موعدنا الصباحي من كل يوم، حينَ لا تفتحي عيناكِ في حضرتي، لأرى وجهكِ ينبثقُ منهُ الضياء مُعلناً حلول الشروق الثاني، الشروق الأجمل، وتُجيبينَ عليَّ بصوتكِ الملائكي الشبيهِ بغيمةٍ عائمةٍ من الأحلام الزرقاء: صباح الخير

19

حتى غدوتِ بعيدةً ولا يمكنني سؤالكِ عن حالكِ لهذا المساءِ أو للصباحِ الفائت، أتشعرينَ براحةٍ وقد صرتِ هكذا، لا أعرفُ كيف أخبركِ عن شكوكي؟ وعن إحساسي المتزايدَ بإفتقادك، وشعوري بالحنينِ الدائمِ لك، والغضب؟ لقد هربتِ، في أول فرصةٍ إستطعتِ فيها التملص من حبي، ورحلتِ، إلى وراءَ الستائر البنفسجية والأسوار الموضوعِ عليها أسلاكٌ شائكة ثمينة، لا تُوخزُ إلا قلبي! وحتى متى سيحميكِ إقفالُ النوافذِ أمام ورودي المرمية نحوَ سريرك؟ وأحجاري التي تحاولُ كسرَ زجاج النوافذ؟ وإلى متى، ستتمكنين من مراوغةِ عشقي، وإنكارِ هيامي، وطردِ كل تآنيب ضميركِ الذي يقولُ بأنكِ لم تعودي وفيةً لي، مثلما إعتبرتكِ يوماً ربةً للفتنةِ والوفاء؟ هأنذا حزينٌ بعدكِ، وتعلمينَ قوةَ الفراق، وما يفعلهُ بالروحِ الحزينةِ منذُ الأزل، وكيف ينزعُ عنها القدرة على الشعور، وكيف يحرمها لذة العيش، وحرية التخيل، فأفكاري المُغلفةُ بكِ طوالَ الساعات، باتَ يقتلها بطء مرورِ الثواني.

18

أبذلُ جهداً مُتعباً في التفكيرِ بما أستطيعُ تقديمهُ لأجلِ أن تغفري، لكنني لا أملكُ إلا قلبي وحلمي، وقلبي قد ثقبتهُ في اليوم الذي قلتُ لكِ أنني أحبكِ فيه، وجعلتهُ رهنَ أدنى إشارةٍ منك حينَ جعلتكِ ترتديه في إصبعك، أما عن حُلمي، فكيف يمكنني إعطاؤكِ إياه وأنا لم أمسكهُ بيدي بعد؟ وأظلُ أبحثُ عن شيءٍ أقدمهُ لكِ، كفداءٍ لكلِ لحظاتِ إحساسكِ بالوحدة، لكنني لا أملكُ بالإضافةِ لقلبي وحلمي غير روحي، وروحي تملكينها مُسبقاً، حينَ قسّمَ الله الأرزاق ووضعَ في مُحصلة ما ستملكينهُ في هذهِ الحياة، بالإضافة لجمالكِ ودلالكِ وعشقي وصعوبة طبيعتك، روحي! فماذا أصنعُ أيضاً لتتأكدي أنكِ أغلى من كل مُعتقداتي، وأعظمُ من كل مقدساتي، وأفضلُ، من أن أبخلَ عليكِ بشيءٍ أملكهُ أو لا أملكه؟

17

نوافذكِ الموصدة، وأبوابكِ المُغلقة، دوني، تجعلني أشعرُ بالضجر، بجوار الشوق، والخوف، والحزن. حبكِ، الشيء الوحيد الذي جعلني راضياً عن نفسي، وموافقاً، عن كل ما يمكنُ حدوثهُ في حياتي، بعد أن صرتِ الجزء الأهمَ فيها. قبلكِ، لم أكُ أملكُ شيئاً لأخسره، لذلكَ كانَ الموتُ أمراً مُحتملاً لا خوفَ منه. بعدكِ، لا أملكُ شيئاً لأخسره، سوى ساعاتٍ تفصلني عن الموت المُحتمل حدوثه. أما حينَ كنتِ بالقرب، تحديداً تعيشين في قلبي، فكنتُ أغنى الناس، وأقوى الناس، وأكثر الناس شجاعةً وحذراً، وكانت قدرتي على المُجازفة معدومة، خشية خسارتك! فعودي، لقد حانَ الوقت، وآن هاثواي تُرسلُ لكِ تحاياها، وتقولُ لك: إذا كنتِ تحبينني بالفعل، فعودي!

16

أيسكنُ في قلبكِ رجلٌ غيري وقد أفرغتُ من قلبي، لأجلكِ، ملايين القصص؟ تخيلي ذلك، أن أكونَ مُتعمداً إلحاق الأذى بقلبي، كي أريحَ قلبكِ الذي أحببت، وأنتِ، لا تُبالي! أترينَ المُعضلة، والمُشكلة الرئيسية فيما يجري هُنا، أو هُناك، أو لا أعلمُ أينَ فغيابكِ القاسي ألحقَ ببوصلتي تشوشاً لا يمكنني إصلاحه، وبسببهِ خانتني الجهات؟ أنا يا إمرأةً مصنوعةً في فردوسٍ غير مثالي، أحببتكِ كما لم أحب، وتعلمتُ من خلالكِ أشياءً عن نفسي، كنتُ أجهلها، مثل أنني فاشلٌ في التعبيرِ عن حبي، لكنني وفيٌ جداً إذا ما أحببت، وتعلمتُ كذلكَ أنني واضحٌ جداً في مشاعري، وإكتشفتُ، في الأخيرِ وبعدَ فواتِ الأوان، أنكِ غامضةٌ وما في قلبكِ، غامضٌ مثلَ الجروح.. وتأتي عبرَ حوادثٍ مُفاجأة، ولهذا أسألكِ، هل أقومُ بتجهيزِ ضماداتٍ لجراحِ قلبي، وكفناً، وقبراً، ونعياً لوفاتي، إذا كنتُ قد غادرتكِ للأبد؟

15

إخترتكِ لي في المرة الأولى ودوناً عن باقي مخلوقات الله الجميلة بلا تفكير، وبعد أن فكرت، إخترتكِ أنتِ، ولو أعاد الله حياتي مجدداً، آلاف المرات، لإخترتكِ المرأة التي لا يمكن إلا أن تكون لي، وأنا غارقٌ في السعادة والرضا أو في التعاسة وعدم الرضا، فأنتِ الوحيدة التي أمكن لقلبي أن يتوقف عن التفكير بأي إمرأةٍ أخرى غيرها، حتى لو جاءت داخل صحنٍ من ذهب!